غريبي عبد الكريم
آه... ....إنه ليس ثمة شيئ يبلغ من الحلاوة ما تبلغه البذرة .
حينما تكون في التربة وحينما يرسل الله شؤبوبا مباركا .
من المطرة في حين يتسكع أحد الجيران وحينئذ سوف نجلس ونشرب مع.
بينما الله ينعش ويبارك جميع ما تصنعه أيدينا.
أريستو فان – في مسرحية السلام-
1 – و ضعية المسرح والطفل في الجزائر:
ترتبط هذه الوضعية في سياق مسائلة تحاول استقراء مكانة الفعل الثقافي في الجزائر خارج النمطية الدغمائية التي تدبج مجمل الدساتير والتشريعات الرسمية ومنها كل تعاليم و تلقينات الكتب المدرسية والنمطية البيرقراطية لطبيعة المؤسسات الثقافية وإنتاجاتها عبر ربوع الوطن.
و التي أثبتت اليوم فشلها في تقديم أحسن خلف أونموذج لللإنسان الذي تخيلته أو المواطن الذي قصدت بنائه أولم تقصد ذلك عبر عقود متتالية.
إن مقاربتنا تريد أن تبحث لها عن طريق آخر، سبق وقد نبه إليه غيرنا من أساتذتنا ومثقفينا بمقاربات وتجارب وصيحات على وقع مرور القوافل المهرولة نحو المجهول. إنها تحاول ببساطة أن تنطلق من الواقعو المعاينة الميدانية وآثارها على الممارسة الثقافية ومنها المسرحية في بلادنا ، مع محاولة ربطها بالأبعاد المعرفية و ما تقره العلوم الإنسانية والإجتماعية تنظيرا وتجريبا في العالم، والتي جعلت من الإنسان موضع درسها آلة في بناء الحضارة الإنسانية وتسعى اليوم إلى بناء إنسان يتجاوز حدود قفطانه المرصع أو جبته الثلاثية الحدود، إلى إنسان يخترق الحدود كل الحدود بملاكات فطرته وخصوصيات قيمه الثقافية المكبوتة أو المكتومة و التي لن تظهر إلا في كنف الحرية والإبداع الجميل الذي يجمع بين العلم والفن
فقط.
واليوم يكون من العبث أومن اللغو الحديث في رأينا عن أي إرادة بناء للمادة الثقافية على الفراغ بدون نظرة وفعل شمولي مستقبلي يقوم على مبدأ الفصل النهائي بين المزاجية والدغمائية بكل أصنافها والصناعة والاستثمار الثقافي الشامل الذي يتجسد في حرفية الممارسة المسرحية كوعاء تعبيري يشمل كل أصناف الفنون والآداب.
فالمسرح كفعل ثقافي علمي وفني وتربوي مكتسب لايبنى بدون الممارسة و التعليم المباشر خارج المجتمع، والمجتمع يبدأ بالمدرسة كمؤسسة مادتها الطفل. ومنها وفيها نصنع الإنسان:
( الطبيب، المعلم والمهندس، والوزير، الشرطي والإمام و كذلك الكورغراف و الموسيقار
و الممثل والمخرج والكاتب...) أيي بناء كل لبنات المجتمع الطبيعي والسوي ؟.
لينتقل الطفل الشاب بعد ذلك للمؤسسة الثقافية والفنية ، لكي ترسخ بشكل سليم عملية الإنسجام بين
الإنسان وذاته والمواطن المثقف المبدع والمستهلك الواعي للمنتوج الثقافي.
المسرح و المؤسسة التعليمية:
إن المتصفح للكتب المدرسية المقررة في مدارسنا ومنها كتب" التربية المدنية" يدرك كيف تبدأ المتناقضات الصارخة حول موضوع الممارسة الثقافية في المؤسسة التعليمية بين التقرير والوجود هذا الوضع الذي يولد لدى الطفل وضعا مقلوبا بين الواقع الموجود والصورة الذهنية التي نريد تلقينها له والتي بتراكمها تخلق مضاعفات مفتوحة يصعب التكهن بها:
فكتاب السنة الرابعة إبتدائي مثلا:
يؤكد في تعريفه لدرس حقوق التلميذ وواجباته في المدرسة أن:
« النشاطات الثقافية هي حق من حقوق التلميذ؟ ».
أما كتاب السنة الخامسة للتربية المدنية طبعة سنة2000 في المحور الثاني الخاص
بتعريف مهام المدرسة للتلميذ:
« تعمل المدرسة على اكتشاف المواهب، وتنمية القدرات الفردية والجماعية للتلاميذ، خلال النشاطات الثقافية والرياضية بإنشاء عدة نواد ... »
و يكشف الدرس و بكيفية مفصلة وبالصور عن هياكل و مرافق ونشاطات هذه المدرسة .
(المكتبة ، النادي العلمي ، النادي الثقافي، النادي التكنولوجي، النادي الفني، النادي الرياضي)
فالنادي الفني مثلا معرف كالتالي:
« تقام وتنجز فيه نشاطات فنية هادفة مثل الرسم ، التصوير ، النحت ، النقش ، والأشغال اليدوية المختلفة ، المسرحيات ، مشاهدة الأفلام ، ومجموعات صوتية ، تنمي هذه النشاطات الفنية الحس الجمالي وتساهم في تزيين وتجميل المحيط المدرسي ».
وفيما يخص النشاطات يبقي على النشاطات الرياضية و تلغى تسمية النشاطات الثقافية باسمها
وتصبح كالتالي: « أمارس في المدرسة أنشطة متعددة ومتنوعة » ومن ذلك تكون للمعلم حرية التصرف في التعريف بهذه النشاطات والحكم عليها حسب ميولاته ومعتقداته المتعددة ولنا أمثلة عديدة في ذلك ومنها: (التحليل والتحريم).
ونذكر كذلك كتاب التربية المدنية للسنة الثالثة طبعة2003/ 2004 في ص14منه :
حيث يقترح الدرس طريقة أخرى للتعرض لموضوع نشاطات المدرسة من خلال تمرين يختار فيه التلميذ النوادي التي يريد الإنخراط فيها ذهنيا مثل:
« نادي المسرح ، نادي القراء ، نادي الشعر، نادي الرسم ، نادي الصحافة ، نادي جمع الصور والطوابع البريدية »
أما الكتاب المعدل ضمن الإصلاح طبعة2004/2005 محور "الديمقراطية" للسنة الثانية أساسي.
ص35 نقرأ التعريف التالي: « أعبرعن رأيي في البيت مع أسرتي، وفي المدرسة مع من يعلمني وزملائي، وأبين رغبتي في كل أمر يهمني......أشارك في المناقشات، وأنتقد المواقف الخاطئة وأحترم رأي الآخرين…؟.. »
وعندما يسأل التلميذ عن سبب عدم وجود النشاطات الثقافية في المدرسة ؟ وعن هذا الحق المسلوب ؟ يحصل على عدة أجوبة تزيد من تعميق التناقض والكبت .
نقف عند هذه النماذج التي تحتاج إلى وقفة مجهرية لايسمح بها المقام ولكنها دالة على نريد التنبيه إليه.
والأسئلة التي تطرح نفسها هي :
عن أي مدرسة تتحدث هذه الكتب ؟
و لمن يوجه هذا الخطاب المدرسي ومن المعني به ؟
ولماذا يحرم التلميذ من ممارسة النشاطات الثقافية والفنية المقررة نظريا ؟
وماهي أبعاد هدا الواقع على شخصية الطفل في موضوع حساس كالتربية المدنية التي تسعى قبل كل شيئ إلى تحظيرالطفل للمواطنة؟ عندما نؤسس هذه التربية على خطاب هو في اعتبار الطفل( كذب).
والأخطر من ذلك أننا نطلب منه حفظ هذا الخطاب والإمتحان فيه أي ا ستعابه وترديده.
وهو يرى ويعايش واقع آخر غير الذي هوموجود في كتبه وكراساته ؟
وتعويضا لذلك تستقبل المدارس في ظروف بدائية ( في الساحة، الجلوس على الأرض، العدد الكبير من للتلاميذ، ودون مراعات للسن أو تربوية العرض....إاخ) مايسمى بالفرق المسرحية لتقدم مايسمى بعروض مسرحية أو تهريجية في منتهى الرداءة والتخلف الثقافي والفني ودروس ناجحة في إفساد الذوق اللغوي والأدبي والجمالي ) وما على المدير بعد ذلك إلا إرسال التقارير التربوية حول هذه النشاطات التي لا تحقق سوى نتيجة واحدة وهي: تلبية رغبات التوجيهات الفوقية وتعفيه السؤال ؟.
وفي آخر السنة الدراسية تعقد مهرجنات في مختلف الشاطات الثقافية عبر بعض الولايات
لللإحتفالية والكرنفالية بدون أي مراعات للمنهجية أو اللأهداف أو النتائج.
ومنه مهرجان الوطني للمسرح المدرسي وغيره من مهرجنات مايسمى بمسرح الطفل التي تتم خارج كل مقاييس المعاينة الفنية و التربوية والعلمية. حيث يتم فيها إفراغ و إسقاط بشكل مباشر أوغير مباشر، كل هموم الكبار: السياسية والقومية والوطنية والأخلاقية والإجتماعية والدينية على هذا الطفل ، و بذلك تنتزع منه طفولته وبراءته ولغته وعواطفه ووجدانه ورؤيته للعالم وحتى طريقة تنفسه على الركح ليتحول إلى وسيط دعائي فج . حيث نراه( يحب ويكره ويحكم وينفعل ويثور ويندد ويفرح ويبكي ويصرخ) كآلة بيد هذا " الكبير"...لتتحول الممارسة المسرحية إلى عملية ممارسة شزوفرينة تمسخ شخصية هذا الطفل وتحرمه أبسط حقوقه المتمثلة في طفولته. وسوف تبقى الأوضاع كذلك مادامت هذه النشاطات تشتغل في نطاق آلة بيرقراطية مبنية على الإرتجالية والعفوية و متمرسة في صياغة التقارير الصحية.
وبكل بساطة ألم يكن هؤلاء المشرفون على مثل هذه النشاطات في يوم ما أطفالا علمناهم في المدارس وبمنهجية كيفية نقل الواقع مقلوبا...؟.
- المسرح و الطفل في المؤسسة الثقافية و المسرحية :
إن الحديث عن وضعية المسرح كنشاط وممارسة ثقافية شاملة لا يكون مؤسسا بفصله عن طبيعة المؤسسة التي تؤطره.
ولعل أهم هذه المؤسسات نذكر : دور الثقافة والمسارح.
- تعكس هذه المؤسسات بالرغم من ثقلها التشريعي المتجاوز، والذي يجعل منها اليوم مثالا حيا
للمؤسسة البيرقراطية النموذجية. والتي أصبحت تفقد كل ثقلها المحلي والوطني في بلورة أي تصور أو تطبيق فعال للأستثمار ثقافي ذي مصداقية.
حيث تحولت منذ اإنشائها شيئا فشيئا إلى هياكل إدارية مفصولة عن سندها المحرك كهيأة مبادرة ومشاريع وتصورات استراتيجية و تأطير ومعاينة وتنفيذ ومتابعة وتقييم.
وبقيت تتجاذبها سلطتان :
سلطة محلية محدودة الرؤية الثقافية وفي علاقة غامضة معها. وسلطة مركزية إدارية ومالية.
فالمنظور الثقافي لهذه المؤسسات لايقوم على التوجهات التتي تنبثق من طبيعة الإستثمار الثقافي بل هو رؤية إدارية تنظر إلى الفعل الثقافي في شموليته الكموية :
فثقافة الطفل مثلا لاتمثل مشروعا مستقلا بتصوراته وشروطه وآلياته التي تظمن تحقيق أدنى شروط الإستثمار الراشد عبر مخططات آنية و متوسطة و مستقبلية تشتغل على المرحلية والتدرج التصاعدي لبلوغ وتحقيق الأهداف المسطرة مسبقا وحسب توزيع محدد لللأدوار.
1- فالمسارح اليوم لا تتوفر على أدنى الشروط الإحترافية الأساسية ذات المقاييس العالمية كـ (، المكتبة المونوغرافية والسمعية البصرية والأرشفة العلمية، و مخابر للتجريب والبحث في فلسفة ثقافة وأدب الطفل و علم النفس وعلم الإجتماع الطفولة، وآليات تكوين بنك للنصوص الدرامية ، ومخرجين ذوي تأهيلات عالمية ، وممثلين من الطراز الإحترافي وسنغرافيين ومختصين في الكوريغرافية الدرامية .وكذلك.. إطارات التسيير الناجع و آليات إنتاج مسرح للطفل يشتغل بصفة عادية وعلى طول السنة. وكذلك آليات التوزيع العادي للمنتوج عبر المؤسسات الثقافية التي تتوفر على شروط استقبال مثل هذه الأعمال.
2- دور الثقافة:
بحكم الطابع الإداري لهذه المؤسسات والذي يمثل طاقم أغلبها 90 في المئة من الموظفين الإداريين المرسمين.
يقوم بالإشراف على مايسمى بورشات النشاطات الثقافية التقليدية إن وجدت. وفي غالب الأحيان منشطون مؤقتون يوظفون ويستبدلون حسب المزاج والتسيير الإرتجالي السنوي المبني على العدد الصحيح أو الصوري للورشات. في تقارير دورية توجه للوصاية دون معاينة فعلية أوتقييم يخضع لمقاييس لايمكن أبدا أن توفرها مؤسسات بهذه النمطية المتجاوزة.
- فهي لاتستطيع ماديا استقبال العروض المسرحية الدورية على طول السنة.
- ولايمكنها القيام بنشاط دائم في مختلف حرف المسرح بدون سياسة توظيف تتماشا وحقيقة الأهداف، و كذلك التكوين الدوري العالي و المختص في الشأن المسرحي.
وإعداد ورشات حقيقية بداغوجية مثل:
( المكتبةالفنية ، وورشةالتصميمات السينوغرافية والرسم ورشات تصميم العرائس والماريونات ، والموسيقى العلمية، و ورشة الكتابة والكوريغرافيا والتمثيل ، والإخراج ،
و التعبير الصوتي والإلقاء وتقنيات معالجة الصورة والصوت.... )
هذه الورشات المتعددة يجب تجهيزها كذلك بالوسائل الحديثة، كمايجب أن تشتغل في انسجام ووفق برنامج متكامل ومشاريع يتم معاينتها و إنجازها وتقييمها وأرشفتها مع توفير التأطير المختص في ثقافة وفنون الطفل والتي تضمن أسس التكوين المنهجي و العلمي ، ومنه اكتشاف المواهب وصقلها وإعدادها من خلال منتوج مسرحي يربط الطفل والشاب مع ذاته (الجسد ، الحواس، الوجدان ، اللغة ، ) من جهة ومع الغير والعالم الخارجي من جهة أخرى .
وهذا لايتم في رأينا بدون إعادة النظر الجذرية لهذه المؤسسات على مقاييس أثبتت نجاعتها في دول مثل بلجيكا وكندا بصفة خاصة.
1- بعض أسس الاستثمار التربوي والتكوين المسرحي وأهدافها:
الأبعاد البسيكو- بداغوجية
يعتبر بيتر سليد :
« أن الدراما تعمل على إيجاد فرد سعيد ومتوازن ، وعن طريقها يتعرف المربي على الطفل وإمكانياته ويصبح شخصا ودودا، وصديقا للطفل. قادرا على فهمه وحل مشكلاته »
وعليه فقد قدمت الدراسات النابعة من الخبرات التطبيقيةحول المسرح والطفل نتائج مثيرة حول
الأبعاد البسيكو –بداغوجية والسسيو ثقافية للممارسة الدرامية للطفل كإنسان كامل وليس فردا
من الدرجة الثانية . والتي نلخص أهمها في مايلي:
1- إن الدراما تثري قدرة الفرد على التعبير عما بداخله ليصبح أكثر قدرة على التأثير في الآخرين وتوجيههم من أجل تلبية احتياجاته وحل مشكلاته.
2- تتيح لللإنسان الفرصة ليجرب مواقف الحياة المختلفة.
3- تعرف الإنسان بالآخرين ، من خلال قيامه بتفحص شخصياتهم ليصبح أكثر ٌدرة على التعامل معهم.
4- تخلصالإنسان من الكبت والإنفعلات الضارة.
5- تعرف الإنسان بنفسه ، وبقدراته ومواهبه مما يساعد في تنمية شخصيته.
6- تروضالجسم ، وتنمي الحواس من خلال الرقص الإيقاعي واللعب الدرامي والتعبير الحركي.
7- تكسب الفرد الثقة بالنفس وتقوي رابطة الصداقة مع الكبار ممايساعده على التعلم.
8- تعلم الفرد احترام الأقران، كما تطورلديه مهارة القيادة ومشاعر الشفقة الوجدانية والتعاون وظبط النفس...وذلك منخلال تقديمه الأدوار المختلفة ومعايشة المواقف.
9- تزيد من معلومات الفرد ، وتشبع حب الإستطلاع لديه.
10- تنمي الخيال وتؤدي إلى الإبداع.
11- تبسط المواد الدراسية عن طريق مسرحتها بأيلوب مشوق جذاب.
12- تثري اللغة عند الفرد وتقضي على عيوب النطق وتعدل السلوك اللغوي.
13- تنمي الذوق الفني والجمالي والحس النقدي.
14- تشعر الإنسان بالمتعة والبهجة مما يجعله أكثر قابلية .
15- تمنح الحكمة والقوة والشجاعة والخبرة.
16- تنمي حس كتابة المسرحيات وحب الأدب والقراءة لللأدب الجيد.
17- تربي الإحساس بالفن وحب المسرح والمسرحيين ويعترف بجهودهم وتضحياتهم.
18- تعد الصغار لدراما الكبار.
19- تبني فردا راشدا سويا تنسجم لديه الغلاقة بين قيمه الذاتية والقيم الإجتماعية.
إن التشربL'imprégnation الثقافي الذي نريده لصغارنا من خلال تقريبهم من مختلف التقنيات التعبيرية الفنية الأساسية ، تكمن أهميتها في كون أن :
الطفل الذي لا نكلمه فإنه لن يتكلم أبدا ، وسيعبر عن ذلك بأساليب أخرى لايمكن التكهن بها. فالطفل الذي لا يستمع إلى الموسيقى ، ولا يحضر عروضا مسرحية حقيقية حية ، أو عروض للبالي والبانتوميم ، أو عروض للمهرجين أو السرك.ومختلف النشاطات الثقافية الحية.
فإنه لن يتمكن ابدا من اكتشاف طرق التعبير الإنسانية المختلفة في وقتها ومنها محاولة محاكاتها والمشاركة فيها و إفرازطاقاته واكتشاف مواهبه الكامنة. ويبقى في أقصى الحدود متلقي سلبي أمام عروض التلفزة و الألعاب الإلكترونية التي رغم أهميتها تبقى عامل من عوامل تعميق الكبت من خلال قوة حركية الصورة التي تلتهمه وتقتل لديه شيئا فشيأ خاصية إرادة المشاركة الحية التي تمثل أساس حاسم من أسس عومل النمو الطبيعية كما اثبتته كل التجارب العلمية الحديثة.
3- أن يبتعد المعلم عن الإرتجال والعشوائية في إعداد التمارين لأن اللعب التربوي لايعني أبدا اللعب في إعداده بل يتطلب مجموعة من المعارف والمناهج الدقيقة من اجل إعداد الوصفة الصحية التي تحقق الأهداف التي يتطلبها النشاط الدرامي.
وعليه يجب أن تتم كل العمليات البيداغوجية من خلال الإعداد المسبق للبطاقات البيداغوجية التي تحقق الأهداف التالية:
1- ألعاب التنفس وتنمية الإدراك.
2- ألعاب الحركة والمحاكاة.
3- الحركات والتمثيل الصامت.
4- من المحاكاة إلى الألعاب ذات الطابع الدرامي.
والذي حددت وظيفته الإجتماعية بأنها مساهمة عن طريق العمل الفني الر اقي في التربية الشاملة عن طريق التعبير الجميل والمتعة الفنية ، على أن يكون واضح الهدف يعين الطفل على تلمس أفكاره وعالمه الذاتي و مساعدته على إدراك بعض أسرار الحياة الجميلة والمفاتيح البسيطة لللإنسجام مع العالم الطبيعي والبشري . ولذلك يجب أن تتوفر على كل العناصر الأدبية والفنية من : كاتب موهوب مبدع ومثقف ملم بالعناصر المسرحية ومقوماتها و لأدق خصائص نمو الأطفال ، وكذلك مخرج خلاق متميز يعرف صياغة الآلة السميولوجة التي تنقل الأشياء والأفكار بعيون وحواس ووجدان الأطفال عبر قنوات وأوعية تجسد عالم الطفل ولا تشوهه.
كما تعمل من خلال استراتيجية واضحة تتقن بها اللعبة التواصلية المبنية على:
- معرفة طبيعة المرسل المبدع ؟ ....................من يتحدث؟
- معرفة المحتوى بكل أبعاده ؟.....................ماذا نقول؟ أو ماذا نعرض؟
- كيفية الطرح المسرحي فنيا ؟.....................كيف نقول؟
- معرفة لمن يتوجه إليهم الخطاب المسرحي؟.....لمن نقــــول؟
- تقييم النتـــــــــــــــــــــــــــائج؟ ..................ماهو الأثـــر؟
عينيه ، وأسهل طريق للتقمص والإندماج ، يبدعه الطفل بفطرته فهو الذي يوزع الأدوار على الدمى ، ويجلس بينهم يحاورهم ويتحدث مكانهم في منولوجات لاتنتهي.
البــــــدائل:
بعد هذا العر ض المختصر جدا لوضعية الطفل والمسرح والنشاط الثقافي الموجه للطفل عموما. من خلال المؤسسات والممارسات ، ندرك إستعجالية المبادرة التي لابد أن تتمثل في:
- إرادة سياسية قوية للتغيير والتأسيس لهذا القطاع الحساس .
- إحداث مجلس أعلى وطني دائم من الخبراء و محترفين مختصين في ثقافة ومسرح الطفل يجمع قطاعات ( التعليم العالي –التربية والتعليم – والثقافة – والإتصال) من أجل القيام بعملية : -- دراسة الوضع وتحليله ، وإعداد الصيغ الإسترتيجية النظرية والتطبيقية و آليات البحث المخبري للبرامج والتنفيذ و المعاينة والمراقبة والتقييم الدوري عبر كل القنوات المتاحة.
ومن هذه المهام:
- التعجيل في إقامة أكادمية للفنون من الطراز الإحترافي العالي على غرار الأكادميات العالمية.
- إدماج التعليم المسرحي في التعليم الأساسي والمتوسط والثانوي.
- التمييز الجذري بين النشاط الثقافي المسرحي الهاوي والتكوين والمسرح الإحترافي.
- إقامة سياسة دائمة لتزويد كل المؤسسات الثقافية والمسرحية بالوسائط العلمية من الكتب المونوغرافية والسمعية البصرية والوسائل البيداغوجية الفية.
- نظرا لنعدام التأطير المسرحي التطبيقي الإحترافي في بلادنا، يجب الإعتماد على المدى الآني والمتوسط على المؤطر الأجنبي في التكوين وإنجاز المشاريع المسرحية الإحترافية.
- إعداد سياسة ترشيد صرف الأموال من أجل التكوين و الدعم والإنتاج والتوزيع على مقاييس شفافة تخدم الثقافة المسرحية .
- إعادة النظر في المهرجنات المسرحية ، وإبعادها عن التسربات السياسية. والتمييز بين المهرجنات السيا حية والترفيهية المطلوبة والمهرجنات التي تنشر الثقافة المسرحية على مقاييس عالمية.
- إعادة النظر في القوانين الأساسية للمؤسسات الثقافية والمسرحية وتعويضها بقوانين
تخدم الثقافة المسرحية الخالصة.