Google
Recherche WWW Recherche sur Votre site
Feed 

                                       Tahar Ouettar

 

L’écrivain, Tahar Ouettar, convalescent, a séjourné pendant quelques jours chez notre ami Mohamed Zaoui à Paris. Il a tenu à nous faire part de cette émouvanterencontre. Une réflexion sur la vie, la littérature et la nature sur la mort. Tahar Ouettar, né en 1936, est l’auteur de nombreux romans dont les plus connus sont L’As, Ars Bghal (Noces de mulet), El Houat wal qasr (Le pêcheur et le palais). 

الطاهر وطار

 

رجل على نار 

 

 

خلال الأيام التي قضاها الكاتب الطاهر وطار  في بيت   الصحافي محمد الزاوي  في الضاحية الباريسية ,  عايش الزاوي  عن  قرب معانات الرجل ومقاومته للمرض،  مثلما صورت كاميرا الزاوي  تفاصيل حياتية  حميمية  للطاهر وطار هي  مشروع  فلم وثائقي ستطعم  بشهادة شخصيات من  باحثين ونقاد جزائريين وأجانب ….

وهذ شهادة لمحمد الزاوي عن الكاتب الطاهر وطار ..........

 

 

 

===========

 

بقلم : محمد الزاوي 

 

حتى يرتاح من أتعاب المستشفي وقبل أن أرافقه في سفره الأخير من باريس إلى الجزائر، وافق عمي الطاهر على فكرة أن يقضي أياما معنا في مونفرماي بالضاحية الباريسية، فكان الأسبوع الذي قضاه معنا فرصة لكي أتعرف عن قرب على وطار الإنسان وأن أقتحم جزءا من عالمه الشخصي الذي تبدوا  جليا  فيه  عصاه المنحوتة التي يلقبها باسم أوباما . لقد أصبحت العصاعلامة مميزة  تلازمه مثل "البيري" الذي لازمه لعقود … فعلى رأس عصا عمي الطاهر  المنحوتة يبرز حيوان  غريب يشبه القط أو الكلب  الأسود، ويستعمل عمي الطاهر هذه العصا للمساعدة، ويبدو أن خلف هذا الإستعمال شغف وطار بملاحم وأساطير العصا قد يكون له علاقة  بعصا موسى عليه السلام ، أوعصا الجاحظـ ...... 

عصا وطار ملفتة للنظر، لفتت نظر  إبنتي ياسمين "٦ سنوات"  التي كانت كلما  إقتربت  من  عمي الطاهر ، بدأ كاتبنا  في محاورة "العصا أوباما"  ونسج قصة معها ،وشيئا فشيئا تغيرت نظرة ياسمين إلى العصا ، فقد  أصبحت بالنسبة لها عصا  سحرية ...

بعد أسبوع من تواجد عمي الطاهر بين العائلة ، ألفته إبنتي مثلما ألفت عصاه أوباما،  بل إنها أصبحت تفرش للعصا فراشا على الأرض ثم تبدأ في محاورتها. 

كنت أراقب كل حركات إبنتي  وأرى إلى هذه العلاقة  القوية التي بدأ تربطها بعمي الطاهر وبعكازه  وأما عمي الطاهر  فقبل مغادرته العائلة فإنه أهدى لياسمين هدية  ثمينة  بمناسبة إحتفالها بعيد  ميلادها ، وقدمت له  ياسمين قبلها رسومات جميلة ملآنة  بنبض الحياة ...

ولذلك يجب القول بأنه منذ دخوله المستشفى في باريس أظهر عمي الطاهر  قوة في التشبث  بالحياة بالرغم من المرض  بل كان لا يريد أن يفقد أي خيط يربطه بالحياة  مقاوما كل الأمراض  التي أخذت مكانا لها في جسده بالقبول بذلك براحة بال …….كان يتقاسم أفراح الناس  داخل المستشفى ، شهادة بسيطة ولافتة للنظر : أنه في يوم عيد الأم إشترى كعكة كبيرة للعاملات والممرضات في المصلحة التي كان يتداوى بها مما أثار غبطة العاملات ....

وكنت أنا أحيانا أتسلل بكاميرتي إلى الغرفة التي كان بها … بين الحين والحين الآخر أصور تلك اللحظات الإنسانية النادرة لكاتبنا، لن يكن يمقدوري إلتقاطها في الظروف العادية ، إلتقطت بعض اللحظات التي تظهر وطار في توحد مع ذاته ومع الكون، وفي كل ما  يرجعه إلى الأشياء الخاصة بكل تفاصيلها، من  ذكريات في الشاطىء المهجور إلى العودة إلى الطبيعة الأوراسية ...

 

في الأيام الأولى التي  دخل فيها المستشفى ، كان  أول شيء طلبه مني  هو أن أشتري له منبها، فالمنبه إصرار الكاتب للتحكم في الزمن وقد برر لي ذلك بقوله " حينما أكون في مكان لا زمن فيه أشعر بالإنعدام ، أشعر بغيابي حتى عن المكان ، في بيتي أنا حوالي ست ساعات حائطية ، وحينما كنت مديرا عاما للإذاعة الوطنية جعلت في كل مكتب ساعة وفي كل رواق ساعة"

 

لقد صورت في البيت كل تلك اللحظات التي تربطه بالوقت ، بالماضي ، كان يتحدث لي ممدودا  على الإريكة وهو يستمع من جواله أحيانا إلى عيسى الجرموني ، بقار حدة  أو بورقعة …

 تغرورق عيناه وتضطرب وجنتاه بسماعه إلى مغنيين صنعوا وهج عواطفه في طفولته 

 

  " يا بنت عمي الداء ساكن بين الكبدة والكلاوي ، إذا أداوية عندك ، إذا ما أداونيش أداني " 

 

يردد وطار المقطع ثم يقول   " أنا دائي أيضا في الكبدة والكلاوي ….هناك تناصص مع التراث ، ويضحك ،،،

 

وأعود هنا إلى موقف 

في الأيام الأولى التي دخل فيها عمي الطاهر المستشفي كنت أذهب فيها مع الصديق الشاعر عمار مرياش لزيارته ومن بين ما قاله لنا وطار حول المرض والموت أنه يستقبل الأشياء براحة بال ، يستقبل حتى فكرة الموت بحالة فنية ويعتبرها تجربة ديمقراطية يتم فيها التداول  يترك فيها جيل لجيل آخر المكان

 

ويستمر في الإستماع إلى  مووايل ارتجالية يصحبها الناي والبندير مع عيسى الجرموني ،

 كلمات بسيطة  جدا لكنها عميقة وقوية ….ثم يستمع لسيدة الغناء عند الشاوية - بقار حدة  - في أغنية  جبل بوخضرة جاك  الطاليان لكسر الحجرة …

لقد  ماتت بقـَّار حدة  و هي في الدرك الأسفل من الفقر و الميزيريا ….. أغان رضعها وطار في طفولته في الفضاءات المخصصة للرجال ….. صمت طويل …

 ولحظة بلحظة يتذكر  عمي الطاهر طقوس الإحتفالات في نواحي مداوروش ، عين البيضاء وسوق أهراس   : الخيل والبارود ، وأصوات القصبة والراقصة ….

يعود وطار  بذاكرته إلى الأماكن التي كانت أصلا مربضا للحيوانات ثم تنظف وتغسل لتنظم  فيها الأعراس  : يبدأ عمي الطاهر في وصف خروج الراقصة :

"تخرج الراقصة كالمهرة ، والعرق يتصبب منها، وهي خجولة بعض الشيء و تضرب الأرض بركبتيها ، وتهز محزمها وتخفضه ، ويتعالي البارود …." ترجع ذاكرته  إلى عهد الصبى حينما إلتقت نظراته بشابة وسنه لا يتجاوز  التسع سنوات : " كانت تلبس مريولا ورديا ، وهي في جناح الإناث  وأنا في جناح الذكور ،   وكنا نتبادل النظرات ….."

 

تتوالى أغاني بقار حدة من جواله : 

 

من صابني برنوس 

وإلا خيط حرير في برنوسو 

 

ثم  ينظر لي وطار ويقول   : "هذا التراث هو أحد مراجعي الأساسية  في صناعة لغة الرواية " ولذلك  فإن عالم وطار الروائي مفعم بهذه اللغة الشعرية العامية  وبهذه العواطف التي نشأت وترعرت معه  منذ الطفولة في مكان له أهميته  الخاصة عند الكاتب ،  فهو جزء من وجدانه والوجدان عند وطار  "هو مكون الروح وخلايا الروح وإذا ما تجرد الكاتب عن وجدانه فقد كل شيء، فقد صلاته بنفسه وبالناس وبالحب" ، 

في اليوم الرابع يخرج وطار إلى حديقة بيتنا فنجري حوارا طويلا مصورا  حول تجربته الروائية والإنسانية ، ننطلق من سؤال  : لماذا يكون المرأ مبدعا و ما هي الجينة التي يحملها في دمه حتى يصير مبدعا؟  

وكيف يتجه نحو نوع من الإبداع فيكون مغنيا أو  موسيقيا أو شاعرا أو يكون رساما أو ممثلا … 

وفي هذا اللقاء المصور كشف الطاهر وطار أنه حاول  شخصيا أن يغني ولكن لم  تكن أذناه موسيقية ولم يكن صوته جميلا وأنه حاول  العزف على القصبة ; ولكنه لم يفلح وحاول أن يكون شاعرا 

 ولم ينجح ولكن نجح أن يكون  كاتب رواية  ، وأن الكتابة تآتي عندخ من إنفجار بركاني داخلي ، وهذا البركان يأتي  بما تشكل منذ أن صرخ  وخرج  من بطن أمه ، وعلى ذكر الأم  قال لي وطار بأن عوامل تتدخل  لتوجه عاطفة المرأ فتجعلها حساسة أو تجعلها بليدة أو تجعلها مرهفة ومنها عامل الوراثة الذي حسبه  يتدخل في تحديد هل بإمكان المرأ أن يكون مبدعا أو لا يكون؟ فقد كانت والدته حساسة ومرهفة ولها صوت جميل وأيضا في أسرته كان له  خاله راقص بامتياز " كان خالي  يرقص في الأعراس ; ويرحب  في الأعراس ، ترك له أبوه ثروة كبيرة فأهملها وأضاعها وبقي يلف من عرس إلى عرس، يشتري حذاء في المساء وفي الصباح يرميه لأنه يمزقه من جراء ضربات رجله على الأرض" 

 

يفتح عمي الطاهر جواله ، يطلع صوت القصبة ، ييديه يضرب تعبيرا عن تأثره ، تغرورق عيناه وتضطرب وجنتاه 

يصمت صويلا ثم يقول لي  : 

 "هذا مديح ولكن يرقصون عليه ، إيقاعه راقص"  

بعد صمت طويل  من إستماعه للأغنية ، يقول عمي الطاهر : "أنت تكون في حالة موت وتسمع إلى هذا الكلام …إنها أغاني تصفي الروح"

 

ذكريات وتصورات تعود بكاتبنا الطاهر وطار إلى قريته مداوروش و وعواطف تعود مع ذكريات البارود والخيل والبرنوس  مع أصوات عيسى الجرموني ، بورقعة وبقار حدة 

هذه بعض اللحـظات التي عشتها مع الطاهر وطار وقد لفت إنتباهي أنه قبل رحيله من بيتنا وهو مسافر إلى الجزائر، طلب مني قص جذور فاكهة  لفتت إنتباهه في حديقة منزلنا ألا وهي  شجرة الشمش الأحمر 

groseille Pasted Graphic 1.tiff

التي  أراد تجريب غرسها في حديقته في الجزائر 

فللون الأحمر مكانة وعلاقة رمزية خاصة عند صاحب رواية اللاز …. وأنا وعائلتي سعداء باستقبال كاتب الجزائر الكبير الصديق الطاهر وطار... شفاه الله ...


 
 



Créer un site
Créer un site